Sunday, May 23, 2010

ألة زمن...شنط بلاستيك وأدراج













دائما ما تخبرنا الأساطير أن السعادة موجودة بالقرب من عين المرء لكنه لا ينظر إليها ويبحث عنها في كل مكان عدا أمام عينه

وتقول الفنانة المصرية شادية ..مطربة الخمسينات ..... دور عليه تلقاه دور عليه دور ..ياللي عينيك شايفاه وبرضو بتدور ....

ذات يوم قرأت لفريدريك نيشته الفيلسوف الوجودي المعروف جملة : نحن لا نتحرر الا عن طريق التذكر

والجملة لها معاني كثيرة من بينها انك حينما تطالع كتاب يومياتك مثلا ..ستجد انك كررت نفس الخطأ منذ خمس أعوام او شهور أو حتى من ثانيتين ...تضحك حينما تعلم هذا وتهوى قراءة هذه اليوميات وتأخذك الحياة في قراءتها
نعم نفس الخطا تم ارتكابه عدة مرات ...حتى الصواب ارتكبته عدة مرات

هنا يكون التحرر في معرفة أن هذه ليست أول مرة وليس أول خطأ وليس أول فشل أو أول نجاح ومن ثم تتعالى الضحكات على عينيك وعقلك ... وتشعر بحالة من الطمأنينة الغريبة المشوبة بالسخرية

هناك حالة اخرى من التحرر تأتي عن طريق التذكر :

ستتبع نصيحة شادية ونيتشة والأساطير ...اين ستجد سعادتك ..ستبحث في منزلك في كل مكان حتى تجد درج الجزامة او الدولاب أو شنطة بلاستيك مليئة بالأشياء التي جمعتها خلال ترتيبك لغرفتك واعتقدت أنها "حاجات مهمة " وهو المصطلح الذي تطلقه على ما ليس بقمامة خلال توضيب الغرفة ..تضع هذه الأشياء في الشنط البلاستيك كي لا تضيع ..

ولماذا تفعل ذلك لسببين الأول أن هذه الاشياء في يوم ما ستفتح الحقيبة تصادفا سامعني تصادفا لتفرح انك وجدتها لتجد هذا القلم او السماعة او حتى المنشار القديم الصدئ ... أي انك تخبأها لتفاجأ نفسك بها بعد ذلك ....وكأنك تلعب لعبة "اخفي لزمن طويل ثم اكتشفها صدفة فتفرح وتمصمص شفتاك اندهاشا من تصاريف القدر الغير محتم في الأساس" ،أما السبب الثاني فهو أن هذه الأشياء لابد وأن يتم جمعها في أسرع وقت حتى يتم توضيب الغرفة في أسرع وقت ولا يبقى إلا القمامة .

تتكون تلال من الشنط البلاستيك ويصبح منزلك مكونا من ثلاثة انواع من الموجودات كائنات حرف الف متحركة هي أنت وعائلتك والقطط والعصافير والسلحفاة والنمل والحشرات ...كائنات حرف باء وهي الاشياء الثابتة كالحوائط والدواليب والسجاجيد وهي دائما في مستوى الرؤية العمياء الاعتيادية ولا تثير أي ماضي ولا تعيد أي ماضي أما الكائنات الثالثة فهي زمنية حرف جيم وهي تلك المخبئة في الأدراج والشنط البلاستيك ووراء الدواليب وغيرها من الأماكن القدسية المقدسة .

يتم استعادة الزمن بنثر كل الأشياء القديمة وإخراجها من العدم ...عدم العقل والمكان .... ستجد مقصا ...لعبة قديمة ... نضارة بلاستيك لعبة أيضا ... دمية على شكل غوريلا سوداء رافعة يديها .. مكعب من الخشب لا تعرف فيما يستخدم وفيما استعملته انت منذ عشرات السنين ... كارت لأحد الشخصيات الميثولوجية مكتوب عليه الدكتور فيلهلم برينهاوم ...أو مقابله المصري أ.د / محمد عبد الرؤوف السيد نصير ..اخصائي في أمراض الشجر والبقدونس الهندي المشوي على الفحم ... ورقة بها تليفون خطيبتك السابقة التي فسخت معها في ابريل 2005.... مفكرة صغيرة انسكب عليها محلول سكري فتحولت الى قطعة واحدة لتصبح أحفورة ...لا تعلم بالطبع ما بداخلها ولو حاولت لتحولت الى أشلاء ورق ... قطعتين من الدوائر والحلقات التي تعلق عليها الستائر ... مسدس لعبة .. بنسة سوداء ...صواريخ صفراء من التي كنا نلقيها على البواب ثم نختبئ في الطرقات .. ونضحك بخوف وشر ... من الاخر ستجد كل شئ ستجد نفسك وذكرياتك داخل هذه الأشياء ...وهنا تتعدد الاحتمالات فيما ستتذكر من هذه الأشياء

قد تذكرك البنسة السوداء بعمتك وهي تجمع خصلات شعر ابنتها التي أحببتها وانت ما زلت في السادسة او السابعة من عمرك ... وقمت بتقبيلها دون ان يراك زوج عمتك ...المقص قد يذكرك بجريمة القتل التي ارتكبتها في العاشرة من عمرك حينما انهلت به كسفاح المعادي على تجمع الصراصير السوداء التي كانت تتنزه على سطح البلكونة .... المسدس اللعبة سيذكرك بأوهامك ان تكبر وتصبح رئيس أحد عائلات المافيا في شمال شرق داكتوا الجنوبية ..لعبة فقاقيع الصابون ربما تذكرك باليوتوبيا او المكان الوهمي الذي نسعى كلنا إلى السفر اليه أو ايجاده دون جدوى ... حلقات الستائر قد لا تذكرك بشئ وربما تذكرك بالخريف رغم عدم وجود علاقة بينهما .... الغوريلا السوداء ..ستضحك حينما تراها لا أعرف لماذا ربما تكون قد جننت أو أصابتك لوثة الشنط البلاستيك ...
























No comments: