Thursday, July 29, 2010

صحيفة حكومية تحلق فوق الأرض عدة سنتيمترات


ذات يوم كنت اسير بجانب بائعة الكتب والجرائد ..التي أمر عليها كل يوم مطلقا سبابي تحية ليوم جديد من الحياة ..يوم مشرق بتفاؤل العجائز انطلقت إحدى الجرائد اعتقد أنها كانت صحيفة حكومية من التي تملك محتوى ورقي يصل إلى 80 صفحة بالرغم من أننا كنا في أحد أيام يونيو الحارة ..إلا أن الجريدة وورقاتها ال50 تحركت في نفس الاتجاه الذي كنت أسير تجاهه ..كانت تطير فوق الأرض بمسافة لا تقل عن 10 سنتميترات..لكنها ـ المسافة ـ كانت كافية لأشاهد أحد الظواهر الغريبة في حياتي والغرابة ليست في طيران جريدة حكومية تزن مقدارا من المادة يجعل من الصعب طيرانها ..لكن تكمن الغرابة في عقلي أنا الذي أراد ابتداع وتأليف قصة ما أو خاطرة عن الأمر ..ما الذي يمكن كتابته عن طيران جريدة حكومية فوق الأرض ب10 سنتيمترات ..ما الحكمة التي سيستفادها قارئي هذه الخاطرة من وراء هذه القصة ؟اسمعنى جيدا واقرئني جيدا ..... أنا لا اقدم نصائح أنا أحكى ما حدث لي صبيحة أحد أيام شهر يونيو الحار .... لكن الحقيقة أن تحليق الجريدة ذكرني بأشياء كثيرة لم يمنع صعودها لعقلي قيامي بالقبض على جسم الجريدة الحكومية الطائرة وإعادتها لبائعة الجرائد ـ التي تشبه مومياء اوتسي المتجمدة منذ مليار عام ونصف وتم اكتشافها في أحد مقاطعات روما في القرن التاسع عشر او ربما الثامن عشر ـ حادث التحليق ..تحليق الورقات ال50 ذكرني بكل شخص منا يعيش في بلدنا المشبر بتراتيل الغموض الجريدة كانت مليئة بأطنان من صور الرئيس مبارك و كلمات النفاق والضحك حتى على النفس ..الحبر الذي انتشر في كل موضع بتلك الجريدة الكومية علاوة على إعلاناتها وصورها التي أخذت شكلا باهتا دفعها الى الشكوى ...كانت الجريدة تجرى فوق الأرض علها تسقط هذه الكلمات وتعود إلى سابق عهدها مجرد صفحات بيضاء طفولية تعشق الأشجار والبيوت الأثرية وتمدح الخديوي عباس حلمي الثاني أو الأول عن حق لا عن زيف وباطل تقوم بتوجيه أنشوداتها رغما عنها وعن ترويستها للرئيس مبارك .الجردية الحكومية ما زالت تأن من الشكوى وتطير فوق بلاطات الرصيف كأي مصري أصبح مجرد صفحات بيضاء دخلت إلى مطبعة الإعلام المصري الموجه منذ 30 عاما وهنا أتحدث عن جيلي ابناء الثمانينات الذين امتلأوا أغاني وإعلانات ومسلسلات وخطابات وصور لمبارك وفجأة في لحظة ما توقف كل شئ واكتشفنا أن العصر الحالي يختلف عن الماضي المذكور والذي يمتد ما بين أعوام 1982 إلى 1998شيئا ما حدث اكتشفنا معه أن طعم الحياة أصبح سيئا ... وتسائلنا هل كنا نقتات إعلاما مزيفا وجدنا فيه لذة ما رغم ردائته وعندما دخلنا المرحلة الأردء اشتقنا للأقل رداءة أما أننا بالفعل عشنا عصرا ذهبيا لن يعوض ...طبعا انا لا اتحدث عن خطب مبارك هاهاهاها ...لكني اتكلم عن أغاني صفاء أبو السعود وعفاف راضي ومسلسلات ذئاب الجبل وعائلة شلش وحتى أفلام الكارتون التي ربينا عليها توازيا مع الكتب التي قرأناها لنبيل فاروق وأنيس منصور وميكي جيب وفلاش وسمير وغيرها من أنهار ثقافية غرقنا بها فرحا ونشوةما الذي حدث ....لا أعلم بالتحديد لكني أحمد الله انني عشت هذه الفترة سواء كانت رديئة أو ذهبية ..لكن ثواني ما علاقة هذا بالجريدة الطائرة لا توجد علاقة ...بالطبع لكن دوري أنا أن أجد العلاقة أو ربما دور الحادثة التي جرت أمامي هو ما دفعني الى ايجاد تلك العلاقة ..لا أعلم بالتحديد لكني اعتقد أننا أنا وأنت وكل أبناء جيل الثمانينات وحتى التسعينات تحولنا جميعا الى 80 ورقة من صحيفة حكومية تحاول الطيران فوق الأرض 20 سم لتسقط صور مبارك وكلمات المرض الدسمة عن كاهلها وكرشها ... وتحاول بقدر الإمكان الشفاء مما انتابنا من تمسخ وتقزم ولزوجة لا نعرف متى أصابنا وأين بلينا به .... تفسير أخر لطيران الصحيفة الحكومية :ربما أرادت التحول الى قطة طائرة او عصفور كما نرغب نحن في التحول إلى شخصيات أخرى إنها غريزة أن نكون شخصا أخر بخلاف ما نكون حتى ورقات الصحيفة الحكومية ترغب............ في آلا تكون حكومية

Tuesday, July 27, 2010

عصابات صربية وبلغارية واوكرانية تسيطر على وسائل المواصلات بالقاهرة


أن تكون صربيا او مولدوفيا او اوكرانيا أو اي جنسية من جنسيات البلاد التي تتحدث لغات تشبه الروسية هذا شيئا هاما جدا جدا جدا في مصر وبالأخص اذا كنت تستقل الاوتوبيس في طريقك الى المنزل عدم فهم ولا كلمة مما يدور حولي كانت هي الحالة المسيطرة والمفروضة على بالأمس ركبت الاوتوبيس حاولت انتقاء "كرسي فاضي " بين المقاعد ..وجدت امامي من مجموعة من الأجانب واشح أنهم جاءوا من منطقة ما في أوروبا .. كان أحدهم جالسا بمفرده على اريكة الاوتوبيس التي تتسع لشخصين قبل ان اطلب من سيادته التنحي جانبا والجلوس لا النوم على الاريكة ...ظن هذا الصربي او البولندي و الاوكراني انني الكومسري لا اعرف لماذا ظن لك هل لأنني كنت احمل حقيبتي المشدودة على كتفي كالبوسطجية ...طيب البوسطجي حاجة والكومسري حاجة ولا هما في اواكرانيا معندهومش فرق بين المنصبين ومن كتر الفقر الواحد بيشتغل كذا حاجة معرفش الحقيقة . المهم ياريس تقريبا قلت له بلغة الإشارة انا مش الكومسري قال لي كلمة اقرب الى "سوري" منطوقة باللهجة الغريبة بتاعت بلده الشرق أوروبية او غرب أوروبية معرفش .. هززت رأسي وانا اتسائل طيب دول ايه اللي يركبهم اتوبيس وازايا هيتفاهموا مع الكومسري وهينزلوا محطتهم ازاي .. وهنا بدأ الصداع كلام فكلام ثم كلام لمدة نصف ساعة متواصلة رغي رغي رغي بالصربية ولا المولدوفية بتاعتهم دي ... ولأني من عادتي اعرف رد فعل اللي حوالي استغربت اني مافيش ولا مصري من اللي في الاوتوبيس كان دريان بحاجة اللي حاطط سماعة في ودنه ومركز في الطريق والعربيات اللي بتجري في الشارع وعواميد النور ...واللي باصة قدامها سرحانة في الحياة الزوجية وعالم القره قوز اللي بيسموه البحث عن لقمة العيش .. والللي نام على نفسه وواثق أنه هيستيقظ لما يوصل الألف مسكن ... لم أجد حد بيضحك او مهتم بالموقف اللي انا فيه .. على الرغم من ان احد المواقف الكوميدية أو امثيرة للاهتمام المعروفة في تاريخ الشارع المصري لما نلائي واحد أجنبي وبالأخص مجموعة منهم قاعدين يتكلموا ومحدش فاهم حاجة منهم ... ياجماعة مجموعة من الصرب أو السلوفاك او التشيكيين راكبين الاوتوبيس من رمسيس ورايحين في اتجاه الألف مسكن هو الموقف دا مالوش اي دلالات عندكم ...طيب اخوكم اللي جالو وش في ماغه وصداع من ثرثرتهم محدش فيكو يبصلوا او يعبروا بضحكة تهون عليه الطريق.... من الاخر اكتشفت اننا كمصريين فقدنا حتى الرغبة في معرفة اي شئ في الحياة ... تحولنا الى ألطاخ (جمع لطخ) هكذا كنت اتسائل ثم أجبت على نفسي بس واضح اني كنت غلطان ...كان فيه واحد واقف قدامي ... على الرغم من إني قمحي البشرة وشكلي ميدلش ابدا اني ممكن اكون أوروبي فما بالك بإني أكون صربي او اوكراني المعروفين بأنهم قطعة من الشمس في لون وجوههم ..بئول على الرغم من دا اعتقد هذا المصري أنني إما المرشد السياحي لتلك المجموعةأو انني احد هؤلاء الصرب او البلغاريين ... ولأنه كان متعقد هذا لم يكن ينظر ناحيتي ليرى الضحكات اللي على وجهي من رغي البلغاريين اللي حواليا .. يمكن كان خايف اني اعمل معاه مشاكل لو انا تبع الناس دي او واحد منهم مع اقتراب جلالة الاوتوبيس من محطتي الأزلية نظر الي هذا المواطن المصري وجدني اضحك فضحك ..قلت له دون كلمة واحدة اخيرا يا عم عرفت ام الصداع اللي انا فيه .. قمت من مقعدي عشان ياخد مكاني وسط الصرب والبلغاريين .. كان على فمي تعبير واحد سمعه كل من في الاوتوبيس ...." تعال ...استلم الوردية " تعالت الضحكات على الكلمة وتعالى صوت البلغاريين وكأن الاوتوبيس تحول الى ساحة حرب كونية بين الأحرف والكلمات .... ألقيت نظرة وانا واقف على الباب ...نظرة سريعة على هؤلاء الذي جاءوا من شرق أو غرب أوروبا ... كي يمنحوني فكرة للكتابة عنها فتقرأوها وتقولوا لي رأيكم فيما جرى لأخيكم الذي سيبدأ من الغد دروس تقوية في اللغة المجرية مين عالم مش يمكن اقابل حد منهم تاني ومكونش جاهز

Thursday, July 22, 2010

كيف تتحول من استاذ جامعي الى صبي في مقلة لب ؟ الكتاب الأكثر مبيعا بالأسواق


"عدم الاقتناع بما يفعل" ..إنه نفس السبب الذي دفع صديقي الاستاذ الجامعي إلى ترك وظيفته والعمل كصبي في محمصة لللب والفول السوداني الكائنة بمنتصف شارع رمسيس ..ساعات بيطلقوا عليها اسم " مقلة" لم أسخر منه ولو مرة واحدة ..حينما كنت أمر عليه وهو يصب كميات من لب البطيخ في وعاء المحمصة ويقلب لساعات كنت احسده على السعادة التي تطل من عينيه ...رغم أنه قضى معظم عمره في السلك الأكاديمي بين تراب المكاتب وعفار المكتبات والروائح العفنة المنبعثة من أفواه اساتذة الكلية عجائز التاريخ التعليمي وملابسهم المضحكة إضحاك القرون الوسطى رغم كل هذا قرر أخيرا أن يترك عمله الممل والأهم المؤذي لأعصابه وراحته النفسية للعمل كصبي في محمصة للب . "لقد وجد السعادة في تحميص اللب وغيره من المقرمشات" هذه هي الجملة التي نطقت بها مخيلتي وانا أمر عليه للمرة الأولى بعد تركه لوظيفته ..كنت اذهب للجامعة لإكمال دراساتي العليا في موضوع تافه من موضوعات البحث الأكاديمي في مصر أظن كان عنوان أطروحتى الجامعية " التحور الجيني لفرخ الورق المقوى في القرن السابع عشر " ... مش فاكر ...لكني فاكر كويس جدا كيف كان صديقي الدكتور الجامعي يسير ومعه في حقيبته السمسونايت 15 كتابا تحمل عنوان " كيف تعيد ثقتك بنفسك" " كيف تحقق هدفك " " كيف تبني مستقبلك" " كيف تكتب رسالة علمية" " دع القلق وابدأ الحياة " مئات من هذه الكتب قرأها استاذي الجامعي بلا جدوى كان يشعر دائما بالخوف من الحياة ومن الموت وكنت استفزه بالحديث عن الموت ..فينهرني قائلا : بطل بئة تعال نتكلم عن مكونات بشرية أخرى بخلاف الأرف دا ... كان يقولها ووجهه مرتاب مني كأنني أنا الموت مجسد في مخلوق ... وكنت أنا اضحك وأسخر منه ...دكتور في مثل حجمه هذا وسيرته تلك ويخشى الموت ...حاجة غريبة الآن صديقي الأكاديمي يعود الى بيته في حي السكاكيني سعيدا ... لا أحد يسخر منه فقد حقق هدفه ... تاركا ورائه كل أوهام التفوق والنجاح الغير مرغوب وكل وساوس الموت دون ان يكون قد حقق ما يرغب فيه ..جلست معه منذ أسبوعين احاول استجلاء حقيقة الحياة منه باعتباره أحد كبار مفكري هذا العصر ومن المعروف أنه عمل سابقا مستشارا علميا بعدة حكومات مصرية متعاقبة ...أخبرني بأعجب حقائق سمعتها في حياتي . قال لي صديقي العجوز ذو ال80 عاما : شوف مافيش حد راضي عن اللي هو فيه من اول رئيس الجمهورية لحد اصغر موظف في الدولة ... احنا ما تولدناش مصريين عشان نفرح ونبتهج احنا تولدنا عشان غيرنا يحددلنا ازاي نفضل تعساء واغبياء طول حياتنا في حاجة مبنحبهاش تخيل التناقض في الحياة ... المكان اللي انت فيه دلوءتي يا إما أهلك اختارهولك يا إما انت اللي اخترته وفي الحاليتين انت مش فرحان عارف ليه لأن المكان في الحالتين مش هو رغبتك الحقيقية ممكن يكون عشان لقمة العيش او الخوف من البطالة او غيران من حد فعايز تنجح في اي حاجة وخلاص بس هئولك نصيحة... البني ادم لما يموت هينزل لوحده في القبر ومش هياخد منافسينه معاه . سألته : طب يعني الواحد يعمل ايه في الحياة عشان يكون ناجح وفي نفس الوقت سعيد ؟ جاوبني قائلا : اعمل اللي انت عايزة مافيش معيار للنجاح مانا اهو استاذ جامعي تحول الى صبي في محمصة لب وسوداني ...يعني من الأخر مافيش كتاب او ميثاق او حتى مانفيستو بيقولك ايه الصح والخطأ لو كان فيه كتاب لمعايير النجاح في حياتنا كتاب بيئول مين هو الناجح ومين هو الفاشل كان الناس كلها طبقت الكتاب دا وكانت عرفت من خلاله سر الوجود لكن واقع الحال أن كل طبقة اجتماعية كل بني ادم كل دولة أو شعب أو حتى كوكب شايفالنجاح بعينه... وبيعاقب اللي يمشى عكس الاتجاه بس الحقيقة بتئول اعمل اللي انت عايزه مافيش فاشل ولا ناجح كلها تمثيليات اخترعها البشر للنجاح والفشل ...وهم كبير مضحك وسخيف . سألته : يعني حضرتك شايف انا وغيري نعمل ايه ..؟ الإجابة : اعمل اللي انت عايزه..قم بتحميص الكراوية لو شايف سعادتك في تحميص الكراوية ... اقفز من البلكونة لو فاكر ومصدق بجد انك هيطلعلك جناحات وهتطير ... يمكن تفقد حياتك ويمكن فعلا تطير ما هو مافيش حقيقة في هذا الكون ... اشتغل حلاق او اسعى انك تكون رئيس جمهورية مش هتفرق في الحالتين هتكون سعيد اذا عملت الحاجة اللي بتحبها بجد حتى ان كانت إحصاء عدد النمل على أحد حوائط غرفة عتيقة في مصر الجديدة ... صدقني ماحدش هيسخر منك اذا سبت شغلك واشتغلت حتى نجار أو حرامي خزن ...كل الناس فهمت من زمان اني مافيش حقيقة واننا عايشين عالم من الخدع السحرية .... وعشان كده بيسبوا اللي يعمل حاجة يعملها من غير ولا كلمة ولا نفس نحن في النهاية شركاء في أمر واحد وهو أننا مخدوعون بهذا العالم التافه ...ودمتم قائمة بعدد من الوظائف التي تحول اليها اساتذة جامعيين بعد قراءة هذا المقال : تعلم اللغة الكورية ... شوى السمك بدون شواية وعلى عين البوتاجاز الصغيرة .. اللعب في ستائر غرف النوم ومحاولة ممارسة رياضة التزحلق او الغطس داخلها وكأنك أصغر اقزام الأرض ... وضع لسانك داخل أقرب مولد للكهرباء في محاولة لاستكشاف ما ذا يوجد بعد الحياة ... هرش الرأس حتى تتدفق منها الدماء ... الامساك بمطفأة سجائر وادارتها بكف يد واحدة عدة لفات ... عمل رسالة ماجستير في العلاقة بين المطربة اللبنانية شوقية اسماعيل أغا واحتراق احد مصانع الغزل والنسيج بمدينة البط ... قضاء عطلة عيد الفطر والأضحى في كوكب زحل .... الجلوس ساكنا صامتا لمدة سنوات حتى يخرج السر الإلهي ... ركل ايادي وأقدام الكنب ومحاوة تحطيم الشمس بطائرة ورق ...يعني اي جنان وخلاص طالما انت مقتنع

Saturday, July 17, 2010

اليوم أخبركم عن شقيقي التوأم .... يوسف


ما لا يعلمه المقربون والمبعدون أن لدي شقيق تؤام نتناوب أنا وهو فن الظهور على ملايين البشر كل يوم

شقيقي "يوسف" أصغر مني بدقيقة لكنه الشخص الأكثر ذكاءا مني بكثير فهو لا يضيع حياته في الأوهام مثلي

لا يخصص ساعات من عمره للقيام بدراسة البشر والأكوان وساعة الحائط مثلي ..
لا يغضب من أحمق يهينه ولا يشغل نفسه بالانتقام كما افعل أنا..
لا يحزن بسبب علبة القمامة التي نعيش فيها مع ملايين المصريين ..
ويبتسم دائما رغم ألوان وأصناف الخرائب وتشكيلة الغم والهم تلمحاطة ببلادنا المصونة

لا تفرق معه أن يخسر ثلاثة الآف جنيها يحصل عليهما شهريا من عمله في أحد نوادي القمار التي تعتمد بشكل كبير على المخاطرة وعدم الأمان ووفاة الثقة ..فهو في حقيقة وجوده يهتم أكثر بشراء "نفسه" ولا يقبل بيعها أبدا مقابل بعض الدنانير .

من الأخر هو "مكبر دماغو" ويئولك اللي يولع يولع المهم نفسي وطز في أي حاجة تانية ...واني اضحك واطير بعيدا عن الأغبياء ومحدودي الأفق ومحبي الباذنجان المشوي ...هي دي السعادة

ربما لهذا السبب أطمح أن أكون مثل توأمي "يوسف"
أتمنى أن أكون في مثل ذكائه وادعو من الله ان يجعل عقلي
صورة طبق الأصل من عقله كما جعلنا نسخة واحدة بالكربون لا يفرق بيننا قريب أو بعيد

لم أخبر أي من اصدقائي أو زملائي بهذا الحدث الجلل ..الكل يعرف محمد (أنا) هذا الشاب النحيل بعض أيام السنة ..السمين قليلا (هاهاها) بعض ايام السنة ...المكتئب والموسوس كل أيام السنة ..لكن لا احد يعرف أخاه التوأم ..استاذ يوسف

يوسف يعرف خمس لغات حية هي الايطالية والانجليزية والأرمينية والتركية والعبرية .. يوسف يعرف ايضا كل اصدقائي وزملائي .. في نهاية كل يوم نجلس معا ليقول لي ماذا حدث طوال هذا اليوم ..ماذا قال له البواب عند خروجه من باب المنزل ..رقم الاوتوبيس الذي ركبه ..كم فتاة عاكسها اليوم ... زملاء العمل الذين ألقوا عليه التحية اليوم ... يحكي لي أنه لم يعرف الاجابة على سؤال أحد الأصدقاء لأنه لم يراجعه معي قبلها بيوم .. يوسف يقص علي ماذا يحدث في ايام السبت والاثنين والاربعاء و باقي ايام الاسبوع اقص عليه أنا ماذا حدث ....

اعلم ماذا سيحدث لي بعد كتابة هذا المقال سيدأ كل من اعرفه ينتابه الشك ويقول في سره :" من الذي أمامي محمد أم يوسف؟" ستقابلني غدا أو بعد غد أو حينما اجدك وتجدني أمامك في احد المناطق التي اتردد عليها يوميا .. ستتحدث معي ستتتحدث معي طويلا أولبعض الوقت ..ستقوم بالتركيز في ردود أفعالي على ما تقول ...بعدها بيوم ستقابلني في نفس المكان وستقل نفس الكلام متمنيا ان تجد ردود افعال أخرى مختلفة ...

ملحوظة: لن تستطيع ان تفرق بيننا والسبب سهل جدا : في نهاية كل يوم أجلس أنا وتوأمي نتحدث في كل ماحدث اليوم نتبادل المعلومات استعدادا لليوم التالي سواء كنت انا من سيقوم بالدور أم هو ....





Thursday, July 15, 2010

كعبلة الأراييل ... مشكلة كل المصريين


ترغب في التحليق فوق العالم والبحر لكنك تصطدم بغابات أعمدة الإيريال وأطباق الدش المزروعة بعشوائية فوق أسطح البيوت ... تتكعبل قدماك وتتوقف عن كونك سوبر مان ...الحرية .
تتمنى مغارة جبلية ..ليس أكثر من مغارة جبلية بعيدة عن كل جيرانك في هذا الكوكب لتبث شكواك لكل مركبات الهواء والبحر والسحب ... ويعود مخزونك الحيوي الى ماكان عليه ..فتعود للدنيا نشيطا ..وتبدأ نشاطك العبثي في الحياة من جديد ..لا تستطيع الحصول على إجازة..وتستمر الحياة في تحطيمك بلا لذة.. الانعزال لفترة
ترغب في الحصول على درجة الدكتوراة في علم ما من علوم الأرض ... ترغب في قراءة ما تيسر من كتب العالم وبكل اللغات ...ترغب في أن تكون أكثر من حياة واحدة وعقلا واحد وعلى شفاهك ابتسامة العالمين العارفين ...تسبك زوجتك وتطالبك بغسيل قدميك فور دخولك من باب الشقة نظرا لرائحتهما العفنة ..تدخل الى دورة المياة وانت تلعن حظك العاثر الذي أوقعك في براثن زوجة جاهلة....العته المغولي
تقابل فتاة جميلة ..تقابلها عدة مرات .. إعجابا بها تتزوجها فتقابلها ـ تدريجيا ـ أقل عدد من المرات حتى يموت أحدكما بعد أن يعلم حقيقة هامة أن من تخيلتها السيدة الاولى في الفتنة والانبهار ليست الا كائن مدهون بالعرق والروائح الباهتة والصوت العالي .............. لا تنسى الدهون المتراكمة ...الكرش الأخضر
هل أنا متشائم ...ربما ... إذن ما الحل ...لا يوجد حل استمر في الكعبلة فوق أسطح البيوت وحطم كل غابات الارايل والستالايت والدشات ...اترك كل وظائفك العبثية واجلس في المغارة ..اذا رغبت في القراءة اقرأ بشرط واحد هو أهم شروط الدنيا غسيل قدميك قبل الدخول من باب الشقة ....مش ناقصة زعيق ووجع دماغ من "الصول" الذي يتزوجه كل المصريين . ...هاهاهاها
ملحوظة : الصول كلمة مصرية تدل على أحد رجال الشرطة قديما والذي كان يسير في الشارع ليلا ليقول يمين هناك ...أما الآن فتطلق على ذلك المخلوق الذي يعيش معك بشكل يومي ويتغذى على الطعام والماء والبهارات مثلك ويملك شعرا أطول منك بكثير ..اعتقد يسمونه المرآة ...

Wednesday, July 14, 2010

عصر مبارك و"الطعمية بالحمص" ... نفسي اسافر سوريا



"طعمية بالحمص" هذه هي الوجبة التي يتناولها إخواننا الشوام في سوريا ..لا أجزم انني تناولتها لكن أحد اصدقائي القدامي والذي لم التق به منذ زمن طويل حكى لي أن الشوام اسف اقصد السوريين يحضرون الحمص ويسلقونه ثم يعجنوه ويضيفوا اليه الخضرة والتوابل أي انهم يقلون الطعمية المصنوعة من الحمص مش من الفول زي ما احنا بنعمل ومحلات الفول والطعمية بتعمل .سألته : بس إيه طعمها حلو يعني أحلى من الطعمية المصري اللي معمولة من الدرة ؟حرك رأسه يمينا ويسارا كأنه أحد دراويش الطعمية ليؤكد لي في انجذاب وحالة من الشطح الجنوني : يخرب بيت طعمها يا بني دي أجمد من المصري الف مرة .لا أنكر انني صدقته خاصة أني تخيلت طعم الحمص مع الخضرة وهو يذوب في الفم .... ياسلام لو الواحد يروح سوريا نفسي اروح سوريا وأكل الطعمية بالحمص في سوريا برضو.المشكلة أنني ظللت لفترة طويلة منبهرا بالطعمية المصري لا أنكر هذا خاصة من محل معين منذ ثلاثين عاما وانا اتناول وجبتي المفضلة من الطعمية من عنده لأنه الأقرب إلي لهذا لم افقد إيماني بالطعمية المحلية لكن والحق يقال منذ فترة طويلة بدأ التغير يحدث مقتربا من مرحلة "إلحاد" بالطعمية القاهرية وكل الوجبات الأخرى وكل الأشياء الأخرى المسألة ليست مسألة جحود أو انني زبون انقلب على صاحب المطعم لأني بخيل او وجدت شخص ما يطبخها ويقليها بشكل ألذ ...لا ليس هذا هو السبب ...الإجابة تمكن في هذا العضو الذي يمتد من اللوز أسفل الحنك حتى اسناني ..(اللسان) الله ينور عليك ..فمنذ ما يقرب من سنوات لا اذكر منها سوى انها عديدة وكل المذاقات باظت وكل الأطعمة اصبحت ممسوخة .. الجبنة اصبحت مجرد مياه راكدة ..الفاكهة تحولت الى طرشي محلى بسكر مملح ..هتسألني ازاي هئولك معرفش ...حتى طعم البيوت المصرية ـ اللي عملها محمد منير اغنية ـ أصبحت مجرد مجموعة من الغلابة الممسوخين يا إما قاعدين على النت كنماذج لنجاح الحكومة في تغييبنا الكترونيا يا إما بيتخانقوا مع بعض وكارهين بعض يعني كلمة العائلة اللي بجد مش هتشوفها اللي في صفحة حوادث او تعذيب من الشرطة او هجرة للخارج ..حاجة يعني .........لا مؤاخذة ذات يوم بعيد ـ خمستاشر مارس سنة ستة وتسعين ـ تناولت انا وصديق من الاسكندرية يبلغ من العمر 180 عاما جبنا ابيض مرشوش عليه بعض الشطة والكمون كنا نتناول الطعام مع الخبز المحمص خبز عادي مش عيش "التوست" لتفتكروني غني والعياذ بالله ..كان الطعم روعة ..لا يوصف ..لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا لسان ذاق ... من ساعتها لم اتذوق مثلها ..طعم البطيخ والمانجو والملوخية وحتى سندوتشات الفول لم تعد كسابق عهدها ..يا اخي دا حتى اللحمة ـالكرشة والفشة والمومبار ـ طمعها اصبح مثل طعم ازرار الكيبورد الاصفر مع اني ما اكلتش قبل كده أزرار كيبوردات ولا شفت كيبوردات صفراء بس انت فاهمني طبعا حاجة زبالة ...ممسوخة ..هو دا المصطلح اللي ممكن نطلقه على حياتنا في عهد مبارك يعني لو شبهنا فترة عبد الناصر بإنها فترة الأكل الحلو الفاكهة الحلوة والخضار اللي زي الفل ...ففترة مبارك هي فترة الوجبات المصنعة من جير البياض او من الزهرة الزرقاء والبوتاس بتوع الغسيل ..انا معرفش سيادة الرئيس بياكل طعمية بالحمص ولا لأ وطبعا لو بياكلها مش هتكون مليئة مبيدات سرطانية ...ومعرفش جلالته عارف ان الطعمية بالحمص حلوة ولا لأ ...وهل هو عايز يسافر سوريا زيي ..الله اعلم انا ميهمنيش اعرف انا كل اللي عايزة دلوئتي اقف في ميدان "اللاذقية" واهجم على عربية فول تكون بتقدم من ضمن وجباتها الطعمية الحمصية وأكلها بس كده وأكلها كما وانا ببص على اي قصر عربي من العمارة الاسلامية اللي هناك وبعدين اشرب كوباية من العصير القصب ـ مش شرط يكون القصب معمول من الحمص ـ بس كفاية ميبئاش زي مشروب رجلين الكنب اللي بنشربها في مصر دا واللي بتحس فيه بمدى حلاوة طعم الصدأ ...تخيلوا طعم الصدأ واحد صاحبي بيقولي انت فاكر سوريا حلوة بس في الطعمية الحمصية والعمارة الاسلامية والقصب يابني دولا عندهم الفنانة العظيمة سلاف فواخرجي اللي لما بتتطلع على الشاشة الرجالة في كل البيوت بيقفوا ليها تعظيم سلام ... ست الحسن والجمال وملكة بحور الهلال الخصيب ..يعني مافيش بني ادم عراقي ولا اردني ولا حتى هندي او ليبي يقدر يتكلم ... انا بصراحة كانت طموحاتي اني اروح سوريا عشان أغير طعم الأكل اللي الواحد بيتناوله عقابا في مصر ونوعا من جلد الذات عن طريق الفم انما الأملة توصل بيا إني اشوف سلاف فواخرجي معدية ان شالله من شارع اللاذقية برضو في سوريا فدي حاجة كبيرة علي أوي واحمد ربنا ورب السوريين عليها .أي كان الأمر انا في انتظار التأشيرة من اي واحد بتاع فول وطعمية في دمشق ... لأزور ملكة الأنوار العظيمة سوريا ...اتناول الطعمية السوري واسبح بعيني وكياني في المروج الخضر وقلاع التاريخ ..متهيألي من حق اي بني ادم انه ياكل طعمية شامي برضو ...يعني ايه ياكباتن ...يعني مصنوعة من الحمص يا استاذ ملحوظة : ربما يأتي يوم ينتهي فيه عهد مبارك واعود لأتناول مرة اخرى انا وكل المصريين مرة أخرى طعمية مصنوعة من الفول لكن تضرب نظيراتها السورية واللبنانية وحتى المريخية بالجزمة القديمة ..........نرجو الله .............. وحددددددددددددددددوه
إمضاء : مصري قرفان من اللي بياكلو واللي شايفه واللي شاربه في العصر المبارك اللي طعمه زي طعم الجرجير بالحنكبيل البايظ

Tuesday, July 6, 2010

مذكرات جاسوس فضائي في بولاق أو العلا أو ...خلي بالك من الكمسري...





مذكرات جاسوس فضائي في بولاق أو العلا
أو خلي بالك من الكمسري

ملحمة وطنية من ملفات جهاز الأمن المركزي
المركزي كمان مرة


السطور التالية هي أحد التقارير التي كان يرسلها مخلوق فضائي إلى قيادته خارج كوكب الأرض قبل اعتقاله بتهمة التجسس وإليكم نص التقرير :


التقرير رقم 3 م ج

أن تكون جاسوسا هو العذاب بأكمله خاصة اذا لم تكن في الحقيقة جاسوسا ....

ان تتمنى في كل لحظة انفجار كل الأشياء أمامك واختفاء جميع اللهجات التي تسمعها لتعود الى وطنك الحقيقي طائرا بعيدا عن نكهة النكتة غير الحلوة التي تسمعها وأباليج الشعور بالزهو الذي يملأ الأشخاص هنا في أرض العدو ...العدو الذي لا تعلم ما المطلوب منك عنه ..و ما هي المهام التي كلفت بها لتقصي الحقائق عنها وعن اشياء معينة

كل ما تعلمه انك جاسوس فاشل دخلت الى هذه الأرض منذ ثلاثين عاما الى هذا الكوكب إلى تلك المنطقة كي تجمع اكبر قدر من المعلومات عن دفاعاتها المدنية والعسكرية في حالة شن غزو من بلادك عليها ...من الاخر انت طليعة الغزو الفضائي كما يسميه الأرضيون هنا ...

أغاني صفاء أبو السعود ..مع إنه خشب في خشب في خشب انما يتساهل تقله دهب ...مسلسل ارابيسك وليالي الحلملية والشهد والدموع وبوجي وطمطم .... الجيلاتي وعصير القصب .... ابتدائي اعدادي ثانوي ... أصالة وعبد الحليم وأفلام إسماعيل يسن ...روايات نبيل فاروق وكتابات أنيس منصور .... التلاجة والبوتاجاز والعنب الأصفر والأحمر ... الجبنة والبطيخ والخناقات ...تنزل السَبَت للبواب يحطلك فيه بجنيه فول وجنيه طعمية وبنص بتنجان ...طلع السَبَت.... الرصيف وعدد البلاطات .......

مليارات الأشياء التي تم إدخالها لعقلي قبل الهبوط إلى الأرض .... العملية التي لم تستغرق سوى عدة دقائق حفظت فيها مخيلتي المليارات من الأغاني والأفلام والمواقف العائلية والحياتية والأفكار والقصائد والشتائم وأساليب الخناقات والنفاق والغضب والمشاعر وغيرها من الأشياء الخاصة بأبناء هذا الكوكب .... حتى طريقة الضحك في السينما على فيلم غير مضحك بالمرة .....

وهكذا بدأت فترة تجنيدي وخدمتي في أرض الأعداء في بولاق أبو العلا

كانت بولاق في ذك الوقت هي عاصمة كوكب الأرض بعد توحيده على يد "فتوح البنفسجي " فتوة الحسينية والعطوف الذي خرج من قصص نجيب محفوظ ذات يوم وقفز من داخل صفحات الرواية ليجسد حلمه على أرض الواقع .... احتل كل الأراضي ...هزم إسرائيل على أرضها ...طرد كل الأنظمة الاستعمارية والديكتاتورية من المنطقة ...مصطلح المنطقة الذي كان ساعتها يطلق على مصر وفلسطين وسوريا ولبنان والسعودية وبلاد الخليج وغيرها من البلدان التي تقع بالقرب من هنا ...و"هنا" هذا غير محدد

المهم أنه فتوح البنفسجي قام بها أفضل من مازنجر نفسه ...ومازنجر لمن لا يعلم كان أحد مسلسلات التليفزيون الأرضية التي تم إمداد عقليتي بها قبل بداية المهمة.....

توحيد فتوح للعالم تحت إمرة بولاق أبو العلا لم يعجب قادة الفواكه السبعة في كوكبنا وهم المجموعة المنوط بها ملاحظة أي عمل مناف للقانون الكوني وسحقه وردعه وتحطيمه .... المطلوب كما جاء على لسان أحد القادة السبعة : تجميع أكبر قدر من المعلومات عن كوكب الأرض ..وكل المعلومات مخزنة في بولاق أبو العلا باعتبارها العاصمة التي يهفو إليها ويتدفق عليها مليارات الكائنات سواء من هذا الكوكب أو غيره .

منذ ثلاثين عاما تمنى لي أقاربي واساتذتي حظا وفيرا ....معلومات أكثر .. تمهيدا للغزو الملئ حتى الثمالة بأطباقنا الطائرة ..... المشكلة ليست في ندرة المعلومات بل في طبيعتها ... وهو الأمر الذي يثير مللي ويجعلني أوشك على التنحي عنها بعد ثلاثين عاما منها لم أفهم من ورائها سبب وجودي هنا كما لم يفهم أحمد زكي ـ فنان سينمائي من كوكب الأرض ـ سبب وجوده في مهمته في فيلم "أرض الخوف" إخراج داود عبد السيد .

هل تضحك اذا قلت لك أن المهمة كانت العمل محصلا للتذاكر على خط أتوبيس المرج ـ السيدة عائشة ...هذه الوظيفة يرتدي صاحبها ملابس أشبه بالمخبرين ...قميص مفتوح من فوق زرارين وفانلة داخلية تبرز من الداخل ليشاهدها كل ركاب المواصلة ....

ـ كمسري ـ هكذا يسمي الأرضيون هذه المهنة ...لكن ما فائدتها في التمهيد لغزو فضائي

الكمسري ... ذو وجه بارد منافق ...يعلم جيدا كيف يتمالك ذاته عند الغضب ..تثق في كلماته إذا قال لك أن هذا الأوتوبيس متجه إلى شبرامنت حتى إن لم يكن فعلا متجها إلى شبرامنت....فن تضليل البشر هو مهمة الكمسري وعلمه الذي تعلمه بلا مدارس أو أكاديميات او معاهد عليا أو رسائل ماجستير ودكتوراه .... الكمسري يضع سيجارا فوق أذنه ...اليمنى عادة .. ويبتسم لصغار البشر ـ الأطفال ـ الذين يأتون غالبا للجلوس على أرجل أمهاتهم داخل الأوتوبيس الخانق في الصيف ..القاتل في الشتاء ..يلاعب تلك الطفلة ويعرف من خلال ملاعبته تلك معلومات عن العائلة وعن الجهة التي يتجهوا إليها .. عبقري هو أيضا في مراقبة كل من يستقل العربة من خلال كرسيه الخافي عن الأنظار في مؤخرة الأتوبيس ...

ـ لا أحد ينظر إلى الكمسري ـ هذا هو واقع الحال في بولاق أبو العلا ... لكن الكمسري يرى الجميع يرصدهم ويجمع المعلومات والجهات .... ثم ينقلها إلى القيادة ...القادة السبعة ..... المعلومات لا تخرج عن بعض القصص التي تتناقلها سيدتين تقص كل منهما على الأخرى بشكل تلغرافي أو متداخل أو تشاجري أحداث عائلية ...... المعلومات قد تنبع من طفل صغير يصرخ على والده بإحضار هدية كان قد وعده بها بعد نجاحه في الشهادة الكبيرة ... المعلومات قد تصدر حتى عن راكب استقل الأوتوبيس بالخطأ فيطلق بعض السباب الممزوج ببيانات قاعدة عسكرية شمال شرق أوروبا الغربية تابعة لإدارة الأمن القوقازي ..ولها خطورتها على أطباقنا الطائرة وقت الغزو ... معلومات معلومات معلومات ....تتدفق من كل ناحية صباح ظهيرة عصرية مساء كل يوم ....ربنا يزيد ويبارك

هناك أيضا مساعدو الكمسري والذين ينتمون إلى الفضاء الخارجي .... انت لا تعرفهم بالطبع لكني سأخبرك بهم يا عزيزي قارئ هذا الملف السري ...إنهم هؤلاء الذي يخرجوا عليك كل يوم وأنت ذاهب إلى عملك صارخين بقولهم ـ جلدة للغسالة ب2 جنيه ..... نعناع بنص جنيه ... المحلات بتقول جنيه ونص أنا مش هئولك زي المحلات هنئول بنص جنيه يا بلاش ..بنص جنيه تغير طعم بوئك ـ أو ربما تكون الشفرة بتاعتهم كالأتي : ـ 5 جحارة قلم بجنيه .... سيبك من استغلال المحلات ..الحاجات الأصلي بتاعت بره يا استاذ ـ

الدور الذي يقوم به هؤلاء المساعدون هام جدا وهو لفت أنظار جمهور الغافلين الذين يستقلون العربة وإبعاد تلك الأنظار عن عيون الكمسري التي تسجل في ورع وتقوى كل ما يهمس به هؤلاء أو حتى لفتات عيونهم وضحكاتهم الساخرة من الأوضاع في بولاق أبو العلا بعد وصول فتوح البنفسجي للحكم في البلاد وجلوسه على سدة الحكم في الكوكب الأزرق المعروف بكوكب الأرض ...

في النهاية أحب أن أؤكد أن المهمة ليست بالسهلة ...طبعا لن أحدثكم عن طرق الإرسال والاستقبال ..جداول الشفرة الفضائية ... طرق التدريب ..وغيرها من الأمور التي يعد كشفها إجهاضا للغزو الفضائي المرتقب ..سأحدثكم في النهاية عن أمر هام ربما يشعر به الجاسوس أي كان موضعه وأي كان الكوكب الذي جاء منه .

الجاسوس غير متأكد من أي شئ ...يعيش في الغالب وعلى الدوام حياة من القلق والهموم والاغتراب..يشعر أنه مدفون في مكان ليس مكانه .... هؤلاء ليسوا مثلي وأنا لست مثل هؤلاء ... طبعا الانطوائية محرمة على العميل الاستخباري .... لكن الجاسوس يشعر أنه وحيد بين غرباء مهما أوحى لنفسه أو أوحى له الأخرون ..سواء كان الأخرون هم من بعثوه أو من بعث إليهم ...الجاسوس المثالي هو من يشعر فعلا أنه واحد من أبناء أعدائه ....بالطبع يبقى على جزء صغير في عقله يؤكد منبته الأصلي والمهمة التي جاء من أجلها وهويته الحقيقية ...لكن مثاليته وتفوقه يتضحان ويتجليان إذا ما أقنع نفسه فعلا أنه أحد راكبي الأوتوبيس وليس الكمسري الذي يراقب الركاب


وسلملي على المترو .................. عتبة عتبة عتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتبة "

إدارة الأمن العام
مكتب مكافحة الكمسارية
خط حلوان الهرم














Sunday, July 4, 2010

فتاة الرابع من يوليو


الثامنة والربع صباحا

لا أعلم ما الذي دفعني إلى التوجه لمحطة الأتوبيس في مثل هذا التوقيت بالتحديد مخالفا جدول نزولي اليومي .. كان الطريق من منزلي حتى وطات قدمي أول درجة من الأتوبيس المتجه لكفر الجبل جوا شتويا غريبا ...الغرابة أننا في الرابع من يوليو أحد أيام فصل الصيف فما بالك بصيف 2010 شديد الحرارة

كان الجو شتويا وكانت الأشجار قد امتزجت بالسحب وسبح الهواء في مساحات المباني والبشر يضحكون متسائلين هل عاد الشتاء مرة اخرى ...... من الأخر كان الطقس تمهيدا للقائي بها

وجدتها هناك ومحطة الأتوبيس تقترب ..نضارة شمسية كبيرة تخفي بها عينان لا أعرف مدى اتسعاهما ولونهما .. ثوب أحمر من عصر القصور الملكية ... حينما شاهدتها انتابت فمي نوبة من الضحك الصامت ربما المكتوم ... أنا لا أعرف من هي ؟ لكن يكفي أنها موجودة هناك بالقرب من المحطة التي على بعد خطوات منها أقف أنا فرحا واتلفت كل ثانية والأخرى لألقي نظرة سريعة عليها مبتهجا ...

بعد ثوان بدأت هي أيضا تتلفت ناحيتي تلقي نظرة خاطفة بين الحين والأخر .... النضارةالشمسية الحمقاء لم تخفي توجه نظراتها تجاهي ..

فجأة ظهر الأتوبيس ..لم أكره الأمر ...

داخل الأوتوبيس وفي طريقي للجامعة التي أدرس بها ظللت أردد تلك الأفكار :

" ايه البت الحلوة دي ... أنا هنزل كل يوم الساعة تمنية ...أكيد هي نازلة بدري كده عشان تروح كليتها أو شغلها ...أنا مش عارف سنها كام تفتكرممكن تكون أكبر مني بكتير أو أصغر بكتير .. طب ما ممكن تكون مرتبطة ... يالا مش مهم أنا هاجي كل يوم واشوفها ويمكن العلاقة تتطور ...ثانية واحدة هو فيه اصلا علاقة ...وبعدين مين قال لك انك هتشوفها تاني ما يمكن واحدة جاية تزور حد وماشية .... وبعدين انت هيفوت منك عشرات الاوتوبيسات رايحة الكلية ويمكن تتأخر ..مش مهم نعتبرها مغامرة .... ربنا يسهل " .................


اللي نازل كفر الجبل