Thursday, May 27, 2010

ظاهرتان

ظاهرتان أود الإشارة إليهما قبل الدخول في موضوع اليوم
الظاهرة الاولى هي برامج المقالب التي تتكون من الزبون المضحوك عليه
والذي يتم استفزازه من قبل مضيفيه
حتى يصل إلى درجة الاستفزاز القصوى والتي قد يرتكب جريمة ما بعدها
وفجأة : انت في برنامج الكاميرا الخفية أو مقالب اونلاين
وينتشر التصفيق
ويضحك الزبون ويضحك من حوله وصافي يالبن حليب ياقشطة


أما الظاهرة الثانية فهي أن تنتاب الممثل او الممثلة حالة من الضحك خلال
تمثيله لدور ما ..يقف أمام الكاميرات ويطلب منه أن يقول أنا أحمق
لقد وقف العالم ضدي ...
وفجأة يدخل الفنان او الفنانة في ضحك متواصل ويعتذر للمخرج او القائمين على صناعة العمل الفني
على قطعه للتصوير
قد يتكرر الامر حتى يتم فصله واستبداله بممثل أخر
"سوري يا جماعة اصل الكلام بيضحك اوي "
هكذا يقول أو تقول

لننتقل الآن إلى حياتنا أو وجودنا .. لهذا العالم الذي أعيش فيه بالنسبة لي سبع وعشرين عاما وعدة أشهر وعلى وشك الدخول في ال28
اتسائل هل هناك تشابه بين الظاهرتين وبين ما يحدث حولي من وقائع حولي
سواء كانت تحدث أم لا
هذه الصور هذه المحسوسات التي اشعر بها كل يوم
عبر خمس حواس بالإضافة للذاكرة
بدءا من طعم عصير القصب أمام كلية الهندسة بميدان عبده باشا
وحتى نهر النيل الذي أتأمله في عجالة وقد لا أفعل بعد انتهاء فترة العمل
التراب الطائر بشوارع السكايني وبورسعيد وغمرة ومراد ومصدق
الاتوبيس النبيتي الجديد
كل شئ في مجال الوجود إن كان موجودا

اتسائل ماذا لوكان العالم مجرد برنامج للمقالب وحينما تخرج منه فيما يعرف باسم "الوفاة " فجأة ستجد تصفيق وتجد من يقول لك قبل هذا التصفيق
اصفهان .... هذا برنامج " النكتة المستديمة "
والذي يستمر لمدة سنوات قد تصل للمائة
كنت ضيفنا طوال سنوات طوال
والآن انكشف لك السر
فالعالم ما هو إلا مقلب كبير
هل ستتعالى الضحكات حينها على وجههك
وتندمج مع من حولك في تلك الضحكات
"الأمر مجرد مقلب واتسبك ...تعيش وتاخد غيرها "
" هعيش ازاي ما هي اصلها حياة واحدة بس "
" مش مهم المهم انه مقلب وبيس يامان خلي عدك روح رياضية "


وهوما ينقلنا إلى جانب أخر ...لنتخيل انك تعلم ان الحياة مقلب والمطلوب منك ان تصاب بالعصبية والغضب والرغبة في قتل كل مضايقيك ... وهناك تصبح مثل الفنانين الأذكياء الذين يدركون من أول كلمة استفزازية ان هذا برنامج الكاميرا الخفية
طبعا ستمثل انك لا تعلم الخداع الذي يحاك حولك
وستجلس هادئا إحراقا في دم مضيفيك من صانعي البرنامج
حتى ينتهي


لنسافر الآن إلى الظاهرةالثانية وهي "بدون مونتاج" او خروج الشخص من مرحلة الشخصية الممثلة إلى عالم الواقع أو عالم الصانع ...أي التحول من مصنوع إلى صانع
تطبيقا لهذه الظاهرة يعي الإنسان فجأة أنه يمثل دورا ليس بدوره ...وانه رغما عنه وفي الحقيقة بمزاجه دخل إلى عالم من الورق وتناثر حبرا على صفحات هذه الدنيا ليمثل دورا ما
قد يكون أمين عام لحزب
أو شيخ لأحد الطرق الصوفية
أو سباك في احد مصانع صخر الحديد بالمهندسين
عملية الخروج تتم قبل كل شئ فجأة حينما تكتشف مدى سخف ما تفعل
"هذا ليس أنا ...إيه العبط اللي أنا بعمله دا"
قد تضحك او تصمت او تفعلأي رد فعل أخر
لكنك ستخرج من الورق
لتتحول إلى عالم الواقع وتنظر إلى السيناريو
الذي كنت تسكنه منذ قليل


ستتحول حينها إلى خارج التجربة لا داخلها
هذا كان يقودني إلى فكرة جنونية جدا جدا جدا ماذا لو كانت عمليات ال"بدون مونتاج"
التي تنتاب بعض الممثلين
هي نفسها عمليات الكشف والإدراك التي تنتاب البعض منا خلال تجربة الحياة تلك وحن نمثل أدوار ليست لنا
ماذا لو قلت لنفسك يوما ما
أنا لست أصفهان نور الحسن بل أنا شخص أخر يكتب مدونة باسم انشراح الزملاوي
وأصفهان هذا ما هو إلا أحد تلك الشخصيات
ماذا لو تحررنا من قيود الحبر والورق
وتحولنا لعالم الحقيقة
هذا ما يفعله الفنانون ويتهمهم الطاقم الفني بالسخف





















No comments: