Tuesday, July 6, 2010

مذكرات جاسوس فضائي في بولاق أو العلا أو ...خلي بالك من الكمسري...





مذكرات جاسوس فضائي في بولاق أو العلا
أو خلي بالك من الكمسري

ملحمة وطنية من ملفات جهاز الأمن المركزي
المركزي كمان مرة


السطور التالية هي أحد التقارير التي كان يرسلها مخلوق فضائي إلى قيادته خارج كوكب الأرض قبل اعتقاله بتهمة التجسس وإليكم نص التقرير :


التقرير رقم 3 م ج

أن تكون جاسوسا هو العذاب بأكمله خاصة اذا لم تكن في الحقيقة جاسوسا ....

ان تتمنى في كل لحظة انفجار كل الأشياء أمامك واختفاء جميع اللهجات التي تسمعها لتعود الى وطنك الحقيقي طائرا بعيدا عن نكهة النكتة غير الحلوة التي تسمعها وأباليج الشعور بالزهو الذي يملأ الأشخاص هنا في أرض العدو ...العدو الذي لا تعلم ما المطلوب منك عنه ..و ما هي المهام التي كلفت بها لتقصي الحقائق عنها وعن اشياء معينة

كل ما تعلمه انك جاسوس فاشل دخلت الى هذه الأرض منذ ثلاثين عاما الى هذا الكوكب إلى تلك المنطقة كي تجمع اكبر قدر من المعلومات عن دفاعاتها المدنية والعسكرية في حالة شن غزو من بلادك عليها ...من الاخر انت طليعة الغزو الفضائي كما يسميه الأرضيون هنا ...

أغاني صفاء أبو السعود ..مع إنه خشب في خشب في خشب انما يتساهل تقله دهب ...مسلسل ارابيسك وليالي الحلملية والشهد والدموع وبوجي وطمطم .... الجيلاتي وعصير القصب .... ابتدائي اعدادي ثانوي ... أصالة وعبد الحليم وأفلام إسماعيل يسن ...روايات نبيل فاروق وكتابات أنيس منصور .... التلاجة والبوتاجاز والعنب الأصفر والأحمر ... الجبنة والبطيخ والخناقات ...تنزل السَبَت للبواب يحطلك فيه بجنيه فول وجنيه طعمية وبنص بتنجان ...طلع السَبَت.... الرصيف وعدد البلاطات .......

مليارات الأشياء التي تم إدخالها لعقلي قبل الهبوط إلى الأرض .... العملية التي لم تستغرق سوى عدة دقائق حفظت فيها مخيلتي المليارات من الأغاني والأفلام والمواقف العائلية والحياتية والأفكار والقصائد والشتائم وأساليب الخناقات والنفاق والغضب والمشاعر وغيرها من الأشياء الخاصة بأبناء هذا الكوكب .... حتى طريقة الضحك في السينما على فيلم غير مضحك بالمرة .....

وهكذا بدأت فترة تجنيدي وخدمتي في أرض الأعداء في بولاق أبو العلا

كانت بولاق في ذك الوقت هي عاصمة كوكب الأرض بعد توحيده على يد "فتوح البنفسجي " فتوة الحسينية والعطوف الذي خرج من قصص نجيب محفوظ ذات يوم وقفز من داخل صفحات الرواية ليجسد حلمه على أرض الواقع .... احتل كل الأراضي ...هزم إسرائيل على أرضها ...طرد كل الأنظمة الاستعمارية والديكتاتورية من المنطقة ...مصطلح المنطقة الذي كان ساعتها يطلق على مصر وفلسطين وسوريا ولبنان والسعودية وبلاد الخليج وغيرها من البلدان التي تقع بالقرب من هنا ...و"هنا" هذا غير محدد

المهم أنه فتوح البنفسجي قام بها أفضل من مازنجر نفسه ...ومازنجر لمن لا يعلم كان أحد مسلسلات التليفزيون الأرضية التي تم إمداد عقليتي بها قبل بداية المهمة.....

توحيد فتوح للعالم تحت إمرة بولاق أبو العلا لم يعجب قادة الفواكه السبعة في كوكبنا وهم المجموعة المنوط بها ملاحظة أي عمل مناف للقانون الكوني وسحقه وردعه وتحطيمه .... المطلوب كما جاء على لسان أحد القادة السبعة : تجميع أكبر قدر من المعلومات عن كوكب الأرض ..وكل المعلومات مخزنة في بولاق أبو العلا باعتبارها العاصمة التي يهفو إليها ويتدفق عليها مليارات الكائنات سواء من هذا الكوكب أو غيره .

منذ ثلاثين عاما تمنى لي أقاربي واساتذتي حظا وفيرا ....معلومات أكثر .. تمهيدا للغزو الملئ حتى الثمالة بأطباقنا الطائرة ..... المشكلة ليست في ندرة المعلومات بل في طبيعتها ... وهو الأمر الذي يثير مللي ويجعلني أوشك على التنحي عنها بعد ثلاثين عاما منها لم أفهم من ورائها سبب وجودي هنا كما لم يفهم أحمد زكي ـ فنان سينمائي من كوكب الأرض ـ سبب وجوده في مهمته في فيلم "أرض الخوف" إخراج داود عبد السيد .

هل تضحك اذا قلت لك أن المهمة كانت العمل محصلا للتذاكر على خط أتوبيس المرج ـ السيدة عائشة ...هذه الوظيفة يرتدي صاحبها ملابس أشبه بالمخبرين ...قميص مفتوح من فوق زرارين وفانلة داخلية تبرز من الداخل ليشاهدها كل ركاب المواصلة ....

ـ كمسري ـ هكذا يسمي الأرضيون هذه المهنة ...لكن ما فائدتها في التمهيد لغزو فضائي

الكمسري ... ذو وجه بارد منافق ...يعلم جيدا كيف يتمالك ذاته عند الغضب ..تثق في كلماته إذا قال لك أن هذا الأوتوبيس متجه إلى شبرامنت حتى إن لم يكن فعلا متجها إلى شبرامنت....فن تضليل البشر هو مهمة الكمسري وعلمه الذي تعلمه بلا مدارس أو أكاديميات او معاهد عليا أو رسائل ماجستير ودكتوراه .... الكمسري يضع سيجارا فوق أذنه ...اليمنى عادة .. ويبتسم لصغار البشر ـ الأطفال ـ الذين يأتون غالبا للجلوس على أرجل أمهاتهم داخل الأوتوبيس الخانق في الصيف ..القاتل في الشتاء ..يلاعب تلك الطفلة ويعرف من خلال ملاعبته تلك معلومات عن العائلة وعن الجهة التي يتجهوا إليها .. عبقري هو أيضا في مراقبة كل من يستقل العربة من خلال كرسيه الخافي عن الأنظار في مؤخرة الأتوبيس ...

ـ لا أحد ينظر إلى الكمسري ـ هذا هو واقع الحال في بولاق أبو العلا ... لكن الكمسري يرى الجميع يرصدهم ويجمع المعلومات والجهات .... ثم ينقلها إلى القيادة ...القادة السبعة ..... المعلومات لا تخرج عن بعض القصص التي تتناقلها سيدتين تقص كل منهما على الأخرى بشكل تلغرافي أو متداخل أو تشاجري أحداث عائلية ...... المعلومات قد تنبع من طفل صغير يصرخ على والده بإحضار هدية كان قد وعده بها بعد نجاحه في الشهادة الكبيرة ... المعلومات قد تصدر حتى عن راكب استقل الأوتوبيس بالخطأ فيطلق بعض السباب الممزوج ببيانات قاعدة عسكرية شمال شرق أوروبا الغربية تابعة لإدارة الأمن القوقازي ..ولها خطورتها على أطباقنا الطائرة وقت الغزو ... معلومات معلومات معلومات ....تتدفق من كل ناحية صباح ظهيرة عصرية مساء كل يوم ....ربنا يزيد ويبارك

هناك أيضا مساعدو الكمسري والذين ينتمون إلى الفضاء الخارجي .... انت لا تعرفهم بالطبع لكني سأخبرك بهم يا عزيزي قارئ هذا الملف السري ...إنهم هؤلاء الذي يخرجوا عليك كل يوم وأنت ذاهب إلى عملك صارخين بقولهم ـ جلدة للغسالة ب2 جنيه ..... نعناع بنص جنيه ... المحلات بتقول جنيه ونص أنا مش هئولك زي المحلات هنئول بنص جنيه يا بلاش ..بنص جنيه تغير طعم بوئك ـ أو ربما تكون الشفرة بتاعتهم كالأتي : ـ 5 جحارة قلم بجنيه .... سيبك من استغلال المحلات ..الحاجات الأصلي بتاعت بره يا استاذ ـ

الدور الذي يقوم به هؤلاء المساعدون هام جدا وهو لفت أنظار جمهور الغافلين الذين يستقلون العربة وإبعاد تلك الأنظار عن عيون الكمسري التي تسجل في ورع وتقوى كل ما يهمس به هؤلاء أو حتى لفتات عيونهم وضحكاتهم الساخرة من الأوضاع في بولاق أبو العلا بعد وصول فتوح البنفسجي للحكم في البلاد وجلوسه على سدة الحكم في الكوكب الأزرق المعروف بكوكب الأرض ...

في النهاية أحب أن أؤكد أن المهمة ليست بالسهلة ...طبعا لن أحدثكم عن طرق الإرسال والاستقبال ..جداول الشفرة الفضائية ... طرق التدريب ..وغيرها من الأمور التي يعد كشفها إجهاضا للغزو الفضائي المرتقب ..سأحدثكم في النهاية عن أمر هام ربما يشعر به الجاسوس أي كان موضعه وأي كان الكوكب الذي جاء منه .

الجاسوس غير متأكد من أي شئ ...يعيش في الغالب وعلى الدوام حياة من القلق والهموم والاغتراب..يشعر أنه مدفون في مكان ليس مكانه .... هؤلاء ليسوا مثلي وأنا لست مثل هؤلاء ... طبعا الانطوائية محرمة على العميل الاستخباري .... لكن الجاسوس يشعر أنه وحيد بين غرباء مهما أوحى لنفسه أو أوحى له الأخرون ..سواء كان الأخرون هم من بعثوه أو من بعث إليهم ...الجاسوس المثالي هو من يشعر فعلا أنه واحد من أبناء أعدائه ....بالطبع يبقى على جزء صغير في عقله يؤكد منبته الأصلي والمهمة التي جاء من أجلها وهويته الحقيقية ...لكن مثاليته وتفوقه يتضحان ويتجليان إذا ما أقنع نفسه فعلا أنه أحد راكبي الأوتوبيس وليس الكمسري الذي يراقب الركاب


وسلملي على المترو .................. عتبة عتبة عتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتبة "

إدارة الأمن العام
مكتب مكافحة الكمسارية
خط حلوان الهرم














No comments: