Thursday, July 29, 2010

صحيفة حكومية تحلق فوق الأرض عدة سنتيمترات


ذات يوم كنت اسير بجانب بائعة الكتب والجرائد ..التي أمر عليها كل يوم مطلقا سبابي تحية ليوم جديد من الحياة ..يوم مشرق بتفاؤل العجائز انطلقت إحدى الجرائد اعتقد أنها كانت صحيفة حكومية من التي تملك محتوى ورقي يصل إلى 80 صفحة بالرغم من أننا كنا في أحد أيام يونيو الحارة ..إلا أن الجريدة وورقاتها ال50 تحركت في نفس الاتجاه الذي كنت أسير تجاهه ..كانت تطير فوق الأرض بمسافة لا تقل عن 10 سنتميترات..لكنها ـ المسافة ـ كانت كافية لأشاهد أحد الظواهر الغريبة في حياتي والغرابة ليست في طيران جريدة حكومية تزن مقدارا من المادة يجعل من الصعب طيرانها ..لكن تكمن الغرابة في عقلي أنا الذي أراد ابتداع وتأليف قصة ما أو خاطرة عن الأمر ..ما الذي يمكن كتابته عن طيران جريدة حكومية فوق الأرض ب10 سنتيمترات ..ما الحكمة التي سيستفادها قارئي هذه الخاطرة من وراء هذه القصة ؟اسمعنى جيدا واقرئني جيدا ..... أنا لا اقدم نصائح أنا أحكى ما حدث لي صبيحة أحد أيام شهر يونيو الحار .... لكن الحقيقة أن تحليق الجريدة ذكرني بأشياء كثيرة لم يمنع صعودها لعقلي قيامي بالقبض على جسم الجريدة الحكومية الطائرة وإعادتها لبائعة الجرائد ـ التي تشبه مومياء اوتسي المتجمدة منذ مليار عام ونصف وتم اكتشافها في أحد مقاطعات روما في القرن التاسع عشر او ربما الثامن عشر ـ حادث التحليق ..تحليق الورقات ال50 ذكرني بكل شخص منا يعيش في بلدنا المشبر بتراتيل الغموض الجريدة كانت مليئة بأطنان من صور الرئيس مبارك و كلمات النفاق والضحك حتى على النفس ..الحبر الذي انتشر في كل موضع بتلك الجريدة الكومية علاوة على إعلاناتها وصورها التي أخذت شكلا باهتا دفعها الى الشكوى ...كانت الجريدة تجرى فوق الأرض علها تسقط هذه الكلمات وتعود إلى سابق عهدها مجرد صفحات بيضاء طفولية تعشق الأشجار والبيوت الأثرية وتمدح الخديوي عباس حلمي الثاني أو الأول عن حق لا عن زيف وباطل تقوم بتوجيه أنشوداتها رغما عنها وعن ترويستها للرئيس مبارك .الجردية الحكومية ما زالت تأن من الشكوى وتطير فوق بلاطات الرصيف كأي مصري أصبح مجرد صفحات بيضاء دخلت إلى مطبعة الإعلام المصري الموجه منذ 30 عاما وهنا أتحدث عن جيلي ابناء الثمانينات الذين امتلأوا أغاني وإعلانات ومسلسلات وخطابات وصور لمبارك وفجأة في لحظة ما توقف كل شئ واكتشفنا أن العصر الحالي يختلف عن الماضي المذكور والذي يمتد ما بين أعوام 1982 إلى 1998شيئا ما حدث اكتشفنا معه أن طعم الحياة أصبح سيئا ... وتسائلنا هل كنا نقتات إعلاما مزيفا وجدنا فيه لذة ما رغم ردائته وعندما دخلنا المرحلة الأردء اشتقنا للأقل رداءة أما أننا بالفعل عشنا عصرا ذهبيا لن يعوض ...طبعا انا لا اتحدث عن خطب مبارك هاهاهاها ...لكني اتكلم عن أغاني صفاء أبو السعود وعفاف راضي ومسلسلات ذئاب الجبل وعائلة شلش وحتى أفلام الكارتون التي ربينا عليها توازيا مع الكتب التي قرأناها لنبيل فاروق وأنيس منصور وميكي جيب وفلاش وسمير وغيرها من أنهار ثقافية غرقنا بها فرحا ونشوةما الذي حدث ....لا أعلم بالتحديد لكني أحمد الله انني عشت هذه الفترة سواء كانت رديئة أو ذهبية ..لكن ثواني ما علاقة هذا بالجريدة الطائرة لا توجد علاقة ...بالطبع لكن دوري أنا أن أجد العلاقة أو ربما دور الحادثة التي جرت أمامي هو ما دفعني الى ايجاد تلك العلاقة ..لا أعلم بالتحديد لكني اعتقد أننا أنا وأنت وكل أبناء جيل الثمانينات وحتى التسعينات تحولنا جميعا الى 80 ورقة من صحيفة حكومية تحاول الطيران فوق الأرض 20 سم لتسقط صور مبارك وكلمات المرض الدسمة عن كاهلها وكرشها ... وتحاول بقدر الإمكان الشفاء مما انتابنا من تمسخ وتقزم ولزوجة لا نعرف متى أصابنا وأين بلينا به .... تفسير أخر لطيران الصحيفة الحكومية :ربما أرادت التحول الى قطة طائرة او عصفور كما نرغب نحن في التحول إلى شخصيات أخرى إنها غريزة أن نكون شخصا أخر بخلاف ما نكون حتى ورقات الصحيفة الحكومية ترغب............ في آلا تكون حكومية

No comments: